وقد روى أبو نعيم بإسنادٍ جيدٍ عن زياد بن حدير قال: قَدِمْتُ على عُمَرَ بنِ الخطاب - رضي الله عنه - وعَليَّ طَيْلَسَان وشاربي عافٍ فسَلَّمتُ عليه فرفع رأسه فنظر إلَيَّ ولَم يرد عليَّ السلام، فانصرفت عنه فأتيتُ ابنه «عَاصِماً» فقلت له: لقد رُميت من أمير المؤمنين في الرأس، فقال: سأكفيك ذلك، فلَقِي أباه فقال: يا أمير المؤمنين أخوك «زياد بن حدير» يُسلِّم عليك فلم ترد عليه السلام، فقال: إني رأيت عليه طليساناً ورأيت شاربه عافياً.
قال: فرجع إلَيَّ فأخبرني فانطلقتُ فقصصتُ شارِبِي وكان معي بُرْد شققته فجعلته إزاراً ورِدَاءً، ثُمَّ أقبلتُ على عُمَرَ - رضي الله عنه - فسَلَّمْتُ عليه فقال: " وَعَلَيْكَ السَّلاَم، هَذَا أحسَن مِمَّا كُنْتَ يَا زِيَاد " (?).
ثم قال الشيخ حمود بعد ذلك مبيناً هَجْر حالق لحيته: وإذا كان عُمَر - رضي الله عنه - قد هجر زياد بن حُدَير على إعفائه لِشاربه فكذلك ينبغي هجر من حلق لحيته لأنَّ كُلاًّ من الأمرين معصية ظاهرة لِما فيهما من مخالفة أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإحفاء الشوارب وإعفاء اللحى، وَلِمَا فيهما أيضاً من التشبه بالمجوس ومن يحذو حذوهم من أصناف المشركين، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» (?).