عشرة ليلة من شهر رمضان سنة ثمان، وأقام بها اثنتي عشرة ليلة، ثم أصبح غداة الفطر غاديا إلى حنين. وخرج معه أهل مكة- لم يتأخر منهم كبير أحد- ركبانا ومشاة، حتى خرج معه النساء يمشين: على غير دين نظارا ينظرون ويرجون الغنائم، ولا يكرهون الدّولة لرسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم. واستعمل على مكة عتّاب بن أسيد بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس القرشيّ الأمويّ- وله نحو عشرين سنة-، وجعل معه معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس بن عائذ بن عديّ بن كعب بن عمرو بن أديّ ابن سعيد بن علي بن أسد بن ساردة [ (?) ] بن زيد بن جشم بن الخزرج الأنصاريّ الخزرجي، يعلمهم السّنن والفقه. وخرج معه اثنا عشر ألف رجل: عشرة آلاف من المدينة وألفان من أهل مكة، وهم الطلقاء.
فقال رجل من بني بكر: لو لقينا بني شيبان ما بالينا، ولا يغلبنا اليوم أحد من قلة! فأنزل اللَّه تعالى: لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ [ (?) ] .
واستعار رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم من صفوان بن أمية مائة درع، وقيل أربعمائة درع، بأداتها، وخرج [صفوان] [ (?) ] وهو مشرك مع المسلمين.
فمرّوا بشجرة عظيمة خضراء يقال لها ذات أنواط- كانت العرب من قريش وغيرها يأتونها كل سنة يعلقون عليها أسلحتهم، ويذبحون عندها، ويعكفون عليها يوما-
فقالوا: يا رسول اللَّه: اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط: فقال:
اللَّه أكبر! قلتم- والّذي نفسي بيده- كما قال قوم موسي: