أنهم لا يكادون يقولون: فعلت بقلبى؛ كما يقولون: فعلت بجوارحى؛ وإن كانت أفعال القلوب تستحق التسمية بالفعل حقيقة بلا خلاف؛ ولكن لا تسمى أفعال الله تعالى بأنها أعمال؛ لأن هذه اللفظة تختصّ بالفعل الواقع عن قدرة، والقديم تعالى قادر لنفسه؛ كما لا نصفه تعالى بأنه مكتسب لاختصاص هذه اللفظة بمن فعل لجرّ نفع، أو دفع ضرر.
ولو سلّمنا أن اسم العمل يختص بأفعال الجوارح جاز أن يطلق ذلك على النية مجازا واستعارة؛ فباب التجوّز أوسع
من ذلك.
وأما الوجهان اللّذان خطرا ببالى إذا قدرنا أن لفظة «خير» فى الخبر محمولة على الفاضلة؛ فأحدهما أن يكون المراد: نية المؤمن مع عمله خير من عمله العارى من نيّة؛ وهذا مما لا شبهة أنه كذلك.
والوجه الثانى أن يريد: نيّة المؤمن لبعض أعماله قد تكون خيرا من عمل آخر له لا تتناوله هذه النية؛ وهذا صحيح لأن النية لا تجوز أن تكون خيرا من عملها نفسها. وغير منكر أن تكون نيّة بعض الأعمال الشاقة العظيمة الثواب أفضل من عمل آخر ثوابه دون ثوابها؛ حتى لا يظنّ ظان أن ثواب النية لا تجوز أن يساوى أو يزيد على ثواب بعض الأعمال.
وهذان الوجهان فيهما على كل حال ترك لظاهر الخبر لإدخال زيادة ليست فى الظاهر؛ والتأويل الأول إذا حملنا لفظة «خير» على خلاف المبالغة والتفضيل مطابق للظاهر؛ وغير مخالف له؛ وفى هذا كفاية بمشيئة الله.