جرى بالحضرة السامية الوزيرية العالية العادلية (?) المنصورة- أدام الله سلطانها، وأعلى أبدا شأنها ومكانها- فى بعض الكلام ما روى عن النبي عليه السلام من قوله: «نية المؤمن خير من عمله».
فقلت: على هذا الخبر سؤال قوىّ؛ وهو أن يقال: إذا كان الفعل إنما يوصف بأنه خير من غيره إذا كان ثوابه أكثر من ثوابه؛ فكيف يجوز أن تكون النية خيرا من العمل؟ ومعلوم أن النية أخفض ثوابا من العمل؛ وأنه لا يجوز إن يلحق ثواب النية بثواب العمل؛ ولهذا قال أبو هاشم: إن العزم لا بدّ أن يكون دون المعزوم عليه فى ثواب وعقاب:
وردّ على أبى عليّ قوله: «إنّ العزم على الكفر لا بدّ أن يكون كفرا؛ والعزم على الكبير يجب أن يكون كبيرا» بأن قال له: لا يجب أن يساوى العزم المعزوم عليه فى ثواب ولا عقاب؛ فإن كان هاهنا دليل سمعىّ يدلّ على أن العزم على الكفر كفر، والعزم على الكبير كبير صرنا إليه؛ إلا أنه لا بدّ مع ذلك من أن يكون عقاب العزم دون عقاب المعزوم عليه؛ وإن اجتمعا فى الكفر والكبير.
ووقع بالحضرة السامية العادلة المنصورة- أدام الله سلطانها- من التقدير لذلك والخوض فيه كلّ دقيق (?) غريب مستفاد؛ وهذه عادتها- حرس الله نعمتها- فى كل فن من فنون العلم والأدب؛ لأنها تنتهى من التحقيق والتدقيق إلى غاية من لا يحسن إلا ذلك الفن؛ ولا يعرف إلا بذلك النوع.
وقال بعض من حضر: قد قيل فى تأويل هذا الخبر وجهان حسنان، فقلت له:
اذكرهما؛ فربما كان الّذي عندى فيه مما استخرجته أحدهما، فقال:
يجوز أن يكون المعنى أن نية المؤمن خير من عمله العارى من نية. فقلت: لفظ