فليقس على ما ذكرناه أمثلته، وليتطلّب لكل شيء ادّعى أنه لمحض التأكيد فائدة قلّت أو كثرت؛ فإنها توجد؛ وليس جهل الطالب لها بها يقتضي فقدها؛ فإن الأدلّة الواضحة قد دلّت على أنّ العرب مع حكمتهم لا يتكلّمون بما لا يفيد؛ وأنّ الكلام الّذي ما وضع فى الأصل إلا لفائدة قليله فى وجوب الفائدة ككثيره؛ فربما ظهرت هذه الفائدة لكل متدبّر،

وربما خفيت.

وأصول أهل العربية مملوءة من هذا؛ فإنّهم يتمحّلون ويتطلّبون العوامل التى لا تظهر فى تمام الكلام؛ ويقدّرون فيها التقديرات البعيدة حراسة للأصول، ونصرة لما دلّ عليه الدليل. ومن تصفّح تمحّلهم للعامل فى الحال إذا عرى الكلام كلّه من تصريح به، وتغلغلهم إلى ضعيف وقوىّ وبعيد وقريب علم أنّ الّذي سلكناه فى تخريج فوائد الحروف الزائدة الداخلة على الكلام، وظن قوم أنها للتأكيد من غير فائدة زائدة، طريق صحيح لا اعتراض عليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015