قال رضى الله عنه: لا معنى لقوله تعالى: وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ؛ [يونس: 61] على ما قاله النحويون: إنه للتأكيد؛ لما بيّنا أن التأكيد إذا لم يفد غير ما يفيده المؤكّد لم يصحّ، وقد علمنا بقوله تعالى: مِنْ قُرْآنٍ أنّه من جملة القرآن، فأىّ معنى لقوله مِنْهُ وتكراره!
قال رضى الله عنه: والصحيح أن معنى مِنْهُ أى من أجل الشّأن والقصة، مِنْ قُرْآنٍ؛ فيحمل على الشأن والقصّة ليفيد معنى آخر.
وقال أيضا فى قوله تعالى: قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا؛ [يونس: 58]؛ قال: لا يجوز أن يحمل قوله: فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا على ما تقدم من فضل الله ورحمته؛ ولا معنى له على ما يقوله النحويون إنّه للتأكيد؛ كما لا معنى لقول قائل:
زيد وعمرو لهما؛ يريد زيدا وعمرا؛ فالصحيح أن نقول فى هذا: إن معناه: قل بفضل الله ومعونة الله ورحمته؛ لأنّ معونة الله وفضل الله ورحمته تؤثر فى القول، ويقول: بفضل الله ومعونته يفرح، فيردّ قوله: بِفَضْلِ اللَّهِ إلى القول، أى قل: بفضله ومعونته هذا القول؛ فإنّ بهذا القول ومعونته ورحمته يفرحون؛ فيكون قوله: فَبِذلِكَ راجعا إلى الفرح بالفضل والرحمة؛ حتى يكون قد أفاد كلّ واحد من اللفظين فائدة.