أحدهما أنهم كانوا يقولون: إن الملائكة بنات الله، فألحقوا البنات بالله، فهو أحق بها منّا.
والأمر الآخر أنهم كانوا يقتلونهنّ خشية الإملاق، قال الله تعالى: وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ؛ [الأنعام: 151].
قال سيدنا أدام الله علوّه: ووجدت أبا عليّ الجبائىّ وغيره يقول: إنما قيل لها موءودة؛ لأنها ثقّلت بالتراب الّذي طرح عليها حتى ماتت. وفى هذا بعض النظر؛ لأنهم يقولون من الموءودة: وأدت أئد وأدا، والفاعل وائد، والفاعلة وائدة، ومن الثّقل يقولون: آدنى الشيء يئودنى؛ إذا أثقلنى، أودا.
وروى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه سئل عن العزل فقال: «ذاك الوأد الخفىّ».
وقد روى عن جماعة من الصحابة كراهية ذلك، وقال قوم فى الخبر الّذي ذكرناه: إنه منسوخ بما روى عنه عليه السلام أنه قيل له: إن اليهود يقولون فى العزل هى الموءودة الصغرى، فقال:
«كذبت يهود، لو أراد الله تعالى أن يخلقه لم يستطع أن يصرفه».
وقد يجوز أن يكون قوله عليه السلام: «ذاك الوأد الخفىّ» على طريق تأكيد الترغيب فى طلب النسل وكراهية العزل؛ لا على أنه محظور محرّم.
*** وصعصعة بن ناجية بن عقال، جدّ الفرزدق بن غالب؛ كان ممن فدى الموءودات فى الجاهلية، ونهى عن قتلهن. ويقال: إنه أحيا ألف موءودة، وقيل دون ذلك.
وقد افتخر الفرزدق بهذا فى قوله:
/ ومنّا الّذي منع الوائدات … وأحيا الوئيد فلم توأد (?)
وفى قوله:
ومنّا الّذي أحيا الوئيد وغالب … وعمرو، ومنّا حاجب والأقارع (?)