أبو مسعر (?) - رجل منا من بنى غنم بن عبد القيس- قال: ورد (?) منصور بن سلمة النّمرىّ على البرامكة، وهو شيخ كبير- وكان مروان بن أبى حفصة صديقا لى؛ على أنى كنت أبغضه وأمقته فى الله- فشكا إلى وقال: دخل علينا اليوم رجل أظنه شاميا- وقد تقدمته البرامكة فى الذكر عند الرشيد- فأذن له، فدخل فسلّم وأجاد، فأذن له الرشيد، فجلس. قال:
فأوجست منه خوفا فقلت: يا نفس، أنا حجازىّ نجدى شافهت العرب وشافهتنى، وهذا شامىّ؛ أفتراه أشعر منى! قال: فجعلت أرفو (?) نفسى إلى أن استنشده هارون؛ فإذا هو والله من أفصح الناس، فدخلنى له حسد؛ قال: فأنشده قصيدة تمنيت أنها لي؛ وأنّ عليّ غرما، فقلت له: ما هى؟ قال: أحفظ منها أبياتا، وهى:
أمير المؤمنين إليك خضنا … غمار الموت من بلد شطير
بخوص كالأهلّة جانفات … تميل على السّرى وعلى الهجير
حملن إليك آمالا عظاما … ومثل الصخر والدّرّ النّثير
فقد وقف المديح بمنتهاه … وغايته وصار إلى المصير
إلى من لا تشير إلى سواه … - إذا ذكر النّدى- كفّ المشير
/ قال مروان: فوددت أنه قد أخذ جائزتى وسكت. وعجبت من تخلّصه إلى تلك القوافى.
ثم ذكر ولد أمير المؤمنين عليّ عليه السلام، فأحسن التخلص، ورأيت هارون يعجب بذلك؛ فقال:
يد لك فى رقاب بنى عليّ … ومنّ ليس بالمنّ اليسير
فإن شكروا فقد أنعمت فيهم … وإلّا فالنّدامة للكفور
مننت على ابن عبد الله يحيى … وكان من الحتوف على شفير
وقد سخطت لسخطتك المنايا … عليه؛ فهى حائمة النّسور