عليهما السلام؛ والوجه الأول أولى وأقوى بشهادة الاستعمال الظاهر له، ولأن أكثر أهل العلم أجمعوا على أن القاتل كان واحدا.
ومعنى فَادَّارَأْتُمْ فتدارأتم؛ أى تدافعتم، وألقى بعضكم القتل على بعض؛ يقال: دارأت فلانا إذا دافعته وداريته، إذا لاينته، ودريته إذا ختلته؛ ويقال: ادّرأ القوم إذا تدافعوا.
والهاء فى قوله: فَادَّارَأْتُمْ فِيها تعود إلى النفس، وقيل: إنها تعود على القتلة، أى اختلفتم فى القتلة؛ لأن قَتَلْتُمْ تدل على المصدر؛ والقتلة من المصادر، تدل عليها الأفعال، ورجوع الهاء إلى النفس أولى وأشبه بالظاهر.
فأما قوله تعالى: كَذلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتى فالإشارة وقعت به إلى قيام المقتول عند ضربه ببعض أعضاء البقرة؛ لأنه روى أنه قام حيا وأوداجه تشخب دما، فقال: قتلنى فلان!
ونبّه الله تعالى بهذا الكلام وبذكر هذه القصة على جواز ما أنكره مشركو قريش واستبعدوه من البعث وقيام الأموات؛ لأنهم قالوا: أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً؛ [الإسراء: 49]؛ فأخبرهم الله تعالى بأنّ الّذي/ أنكروه واستبعدوه هيّن عليه، غير متعذر فى اتساع قدرته.
وكان مما ضرب تعالى لهم من الأمثال، ونبّههم عليه من الأدلة ذكر المقتول الّذي ضرب ببعض البقرة فقام حيا. وأراد تعالى: أننى إذا كنت قد أحييت هذا المقتول بعد خروجه عن الحياة، ويئس قومه من عوده وانطواء خبر كيفية قتله عنهم، ورددته حيا مخاطبا باسم قاتله؛ فكذلك فاعلموا أن إحياء جميع الأموات عند البعث لا يعجزنى ولا يتعذر عليّ. وهذا بين لمن تأمله.
*** قال سيدنا أدام الله علوّه: ومن الشعر المشهور بالجودة فى ذم الدنيا والتذكير بمصائبها قول