وعلى قول من قال إنه كان أخاها يكون معنى قولهم: إنك من أهل بيت الصلاح والسداد؛ لأن أباك لم يكن امرأ سوء، ولا كانت أمك بغيّا، وأنت مع ذلك أخت هارون المعروف بالصلاح والعفة، فكيف أتيت بما لا يشبه نسبك، ولا يعرف من مثلك!

ويقوّى هذا القول ما رواه المغيرة بن شعبة قال: لما أرسلنى/ رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أهل نجران قال لى أهلها: أليس نبيّكم يزعم أن هارون أخو موسى، وقد علم الله ما كان بين موسى وعيسى من السنين! فلم أدر ما أردّ عليهم حتى رجعت إلى النبي صلى الله عليه وآله فذكرت ذلك فقال لى: «فهلّا قلت إنهم كانوا يدعون بأنبيائهم والصالحين قبلهم»!

ومنها أن يكون معنى قوله: يا أُخْتَ هارُونَ يا من هى من نسل هارون أخى موسى؛ كما يقال للرجل: يا أخا بنى تميم، ويا أخا بنى فلان.

وذكر مقاتل بن سليمان فى قوله تعالى: يا أُخْتَ هارُونَ [قال: روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: «هارون الّذي ذكروه هو هارون أخو موسى عليهما السلام».

قال مقاتل: تأويل] (?) يا أُخْتَ هارُونَ يا من هى من نسل هارون، كما قال تعالى:

وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً؛ [الأعراف: 65]، وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً؛ [الأعراف: 73] يعنى بأخيهم أنه من نسلهم وجنسهم.

وكلّ قول من هذه الأقوال قد اختاره قوم من المفسرين.

فأما قوله تعالى: مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا فهو كلام مبنىّ على الشرط والجزاء، مقصود به إليهما؛ والمعنى: من يكن فى المهد صبيا، فكيف نكلّمه! ووضع فى ظاهر اللفظ الماضى موضع المستقبل، لأن الشارط لا يشرط إلا فيما يستقبل، فيقول القائل: إن زرتنى زرتك؛ يريد إن تزرنى أزرك؛ قال الله تعالى: إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ؛ ؛

[الفرقان: 10] يعنى إن يشأ يجعل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015