والوجه الثالث ما قاله بعض المفسرين كمجاهد وغيره أن المراد بذلك أهل الكتابين التوراة والإنجيل خاصة. ومعنى وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أى أنكم تعلمون أنه إله واحد فى التوراة والإنجيل.
فعلى الوجهين الأولين لا تنافى بين هذه الآية وبين قوله تعالى: قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ؛ لأنّ علمهم تعلّق بشيء، وجهلهم تعلق بغيره. وعلى الوجه الثالث إذا جعل الآية التى سئلنا عنها مختصة بأهل الكتاب أمكن أن تجعل الآية التى وصفوا فيها بالجهل تتناول غير هؤلاء؛ ممن لم يكن ذا كتاب يجد فيه بيان التوحيد؛ وكلّ هذا واضح بحمد الله.
*** قال سيدنا أدام الله علوّه: ومما يفسّر من الشعر تفاسير مختلفة؛ والقول محتمل للكلّ قول امرئ القيس:
وقد اغتدى ومعى القانصان … وكلّ بمربأة مقتفر (?)
فيدركنا فغم داجن … سميع بصير طلوب نكر
ألصّ الضّروس، حنيّ الضّلوع، … تبوع، أريب، نشيط، أشر
فأنشب أظفاره فى النّسا … فقلت: هبلت! ألا تنتصر!
فكرّ إليه بمبراته … كما خلّ ظهر اللّسان المجر
فظلّ يرنّح فى غيطل … كما يستدير الحمار النّعر
قال ابن السّكّيت: القانصان: الصائدان، والمربأة: الموضع المرتفع يربأ فيه، والمقتفر:
الّذي يقتفر آثار الوحش ويتبعها. وقال غيره: القانصان: البازى والصقر.
والفغم: الكلب الحريص على الصيد؛ يقال: ما أشدّ فغمه! أى ما أشد حرصه! ، قال الأعشى: