وقال قوم: يجوز أن يعطف عَبَدَ الطَّاغُوتَ على الهاء والميم فى مِنْهُمْ؛ فكأنه جعل منهم، وممّن عبد الطاغوت القردة والخنازير؛ وقد يحذف «من» فى الكلام؛ قال الشاعر:
أمن يهجو رسول الله منكم … ويمدحه وينصره سواء (?)
أراد: ومن يمدحه وينصره.
فإن قيل: فهبوا هذا التأويل ساغ فى قراءة من قرأ بالفتح، أين أنتم عن قراءة من قرأ وَعَبَدَ بفتح العين وضمّ الباء، وكسر التاء من الطَّاغُوتَ، ومن قرأ عَبَدَ الطَّاغُوتَ بضم العين والباء، ومن قرأ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ بضم العين والتشديد، ومن قرأ وعبّاد الطّاغوت!
قلنا: المختار من هذه القراءة عند أهل العربية كلّهم القراءة بالفتح، وعليها جميع القراء السبعة؛ إلا حمزة فإنه قرأ؛ عَبَدَ بفتح العين وضم الباء، وباقى القراءات شاذة غير مأخوذ بها.
قال أبو إسحاق الزجاج فى كتابه فى معانى القرآن: " عَبَدَ الطَّاغُوتَ نسق على مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ" قال: " وقد قرئت عَبَدَ الطَّاغُوتَ؛ وعَبَدَ الطَّاغُوتَ؛ والّذي أختاره وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ".
" وروى عن ابن مسعود رحمه الله: وعبدوا الطّاغوت فهذا يقوّى: وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ" قال: " ومن قرأ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ بضم الباء وخفض الطاغوت فإنه عند بعض أهل العربية ليس بالوجه من جهتين: إحداهما أن «عبد» على وزن «فعل»، وليس هذا من أمثلة الجمع؛ / لأنهم فسّروه خدم الطاغوت. والثانى أن يكون محمولا على «وجعل منهم عبدا للطّاغوت». ثم خرّج لمن قرأ عَبَدَ وجها فقال: إن الاسم بنى على «فعل»؛ كما يقال: رجل حذر أى مبالغ فى الحذر؛ فتأويل عَبَدَ أنّه بلغ الغاية فى طاعة الشيطان". وهذا كلام الزجاج.
وقال أبو على الحسن بن عبد الغفار الفارسىّ محتجا لقراءة حمزة: " ليس عَبَدَ لفظ