فإذا لم يكن لهؤلاء القوم الذين أخبر الله عن بوارهم مقام صالح فى الأرض، ولا عمل كريم يرفع إلى السماء جاز أن يقال: فما بكت عليهم السماء والأرض.
ويمكن فى الآية وجه خامس، وهو أن يكون البكاء فيها كناية عن المطر والسّقيا؛ لأن العرب تشبّه المطر بالبكاء، ويكون معنى الآية أنّ السماء لم تسق قبورهم، ولم تجد عليهم بالقطر؛ على مذهب العرب المعروف فى ذلك؛ لأنهم كانوا يستسقون السحائب لقبور من فقدوه من أعزّائهم، ويستنبتون لمواقع حفرهم الزّهر والرّياض؛ قال النابغة:
فلا زال قبر بين تبنى وجاسم … عليه من الوسمىّ طلّ ووابل (?)
فينبت حوذانا وعوفا منوّرا … سأتبعه من خير ما قال قائل (?)
وكانوا يجرون هذا الدعاء مجرى الاسترحام (?)، ومسألة الله تعالى لهم الرضوان، والفعل الّذي أضيف إلى السماء- وإن كان لا يجوز إضافته إلى الأرض- فقد يصح عطف الأرض على السماء بأن يقدر لها فعل يصح نسبه إليها، والعرب تفعل مثل هذا؛ قال الشاعر:
يا ليت زوجك فى الوغى … متقلّدا سيفا ورمحا (?)