مجلس آخر 60
إن سأل سائل عن قوله تعالى: وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ؛ [الكهف: 23].
فقال: ما تنكرون أن يكون ظاهر هذه الآية يقتضي أن يكون جميع ما نفعله يشاؤه ويريده؟
لأنه لم يخصّ شيئا من شيء؛ وهذا بخلاف مذهبكم. وليس لكم أن تقولوا: إنه خطاب للرسول عليه وآله السلام خاصة؛ وهو لا يفعل إلا ما يشاؤه الله؛ لأنه قد يفعل المباح بلا خلاف؛ ويفعل الصغائر عند أكثركم؛ فلا بد من أن يكون فى أفعاله تعالى ما لا يشاؤه عندكم، ولأنه أيضا تأديب لنا، كما أنه تعليم له عليه السلام؛ ولذلك يحسن منا أن نقول ذلك فيما يفعله.
الجواب، قلنا: تأويل هذه الآية مبنىّ على وجهين:
أحدهما أن نجعل حرف الشرط الّذي هو «إن» متعلقا بما يليه وبما هو متعلّق به فى الظاهر من غير تقدير محذوف؛ ويكون التقدير: ولا تقولن إنك تفعل إلا ما يريد الله.
وهذا الجواب ذكره الفراء، وما رأيته إلا له. ومن العجب تغلغله إلى مثل هذا؛ مع مع أنه لم يكن متظاهرا بالقول بالعدل. وعلى هذا الجواب لا شبهة فى الآية، ولا سؤال للقوم علينا.
وفى هذا الوجه ترجيح (?) لغيره من حيث اتبعنا فيه الظاهر، ولم نقدّر محذوفا، وكلّ جواب مطابق الظاهر ولم يبن على محذوف كان أولى.