وإذا رأين لدى الفناء غريبة … ذرفت لهنّ من الدّموع سجال
وترى لها زمن الشّتاء على الثّرى … رخما، وما تحيا لهنّ فصال
أراد أبيك الخير، فلما طرح الألف واللام نصب. والعزل: التى لا سلاح معها؛ وسلاح الإبل سنامها (?) وأولادها؛ وإنما جعلوا ذلك كالسلاح لها من حيث كان صاحبها إذا رأى سمنها وحسن أجسامها، ورأى أولادها تتبعها نفس بها على الأضياف فامتنع من نحرها، فلما كان ذلك صادّا عن الذبح، ومانعا منه جرى مجرى السلاح لها؛ فكأنه يقول: هذه الإبل وإن كانت ذوات سلاح؛ من حيث كانت شحيمة سمينة فهى كالعزل إذ كان سلاحها لا يغنى عنها شيئا، ولا يمنع من عقرها.
ومعنى: «تناوح» يقابل بعضها بعضا، أى هنّ مدفآت بأسنمتها وأوبارها/ لا تبالى بهبوب الشمال، ولا يدخل بعضها فى بعض من البرد.
وقوله:
* وإذا رأين لدى الفناء غريبة*
أى إذا نزل ضيف فعقل ناقته التى جاء عليها وهى الغريبة علمن أنه سينحر بعضهم لا محالة؛ فلذلك تذرف دموعهن.
وقوله:
وترى لها زمن الشّتاء على الثرى … رخما .....
فقد قيل فيه: إنه أراد به أن يهب فصالهن فتبقى ألبانهن على الأرض كهيئة الرّخم.
وحكى عن ابن عباس أنه قال: الرّخم: قطع العلق من الدم.
وعندى أن المعنى غير هذين جميعا؛ وإنما أراد أنها تنحر وتعقر فتسقط الرّخم على موضع عقرها وبقايا دمائها وأشلائها؛ فهذا معنى قوله، لا ما تقدّم.