وكان يزيد بن المهلب (?) ولى ثابت قطنة بعض قرى خراسان، فصعد المنبر فحصر فنزل وهو يقول:
فإلّا أكن فيكم خطيبا فإننى … بسيفى إذا جدّ الوغى لخطيب
فقيل: لو قلت هذا على المنبر لكنت أخطب الناس؛ فبلغ ذلك حاجب (?) الفيل فقال:
أبا العلاء لقد لاقيت معضلة … يوم العروبة من كرب وتحنيق
أما القرآن فلا تهدى لمحكمه … ولم تسدّد من الدّنيا بتوفيق
لمّا رمتك عيون النّاس هبتهم … وكدت تشرق لمّا قمت بالريق
تلوى اللّسان إذا رمت الكلام به … كما هوى زلق من حالق نيق (?)
وروى أن بعض خلفاء بنى العباس- وأظنه الرشيد- صعد المنبر ليخطب، فسقطت ذبابة على وجهه فطردها، فعادت فحصر وأرتج عليه، فقال: أعوذ بالله السميع العليم: يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ، إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ، وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ، ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ [الحج: 73]، ثم نزل، فاستحسن ذلك منه.
ومما يشاكل هذه الحكاية ما حكاه عمرو بن بحر الجاحظ قال: " كان (?) لنا بالبصرة قاض يقال له عبد الله بن سوّار لم ير الناس حاكما قطّ [ولا زمّيتا] (?)، ولا ركينا (?)، ولا وقورا، ضبط من نفسه، وملك من حركته مثل الّذي ضبط وملك؛ وكان يصلى الغداة