[48] مجلس آخر [المجلس الثامن والأربعون: ]
إن سأل سائل عن قوله تعالى: لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ؛ [آل عمران: 128].
فقال: كيف جاءت أَوْ بعد ما لا يجوز أن يعطف عليه؟ وما الناصب لقوله تعالى:
أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ وليس فى الكلام ما يقتضي نصبه؟
الجواب، قلنا: قد ذكر فى ذلك وجوه:
أوّلها أن يكون قوله: أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ معطوفا على قوله: لِيَقْطَعَ طَرَفاً والمعنى أنه تعالى عجّل لكم هذا النصر، ومنحكم به ليقطع طرفا من الذين كفروا، أى قطعة منهم، وطائفة من جمعهم أو يكبتهم؛ أى يغلبهم ويهزمهم بكم فيخيّب سعيهم، ويكذّب فيكم ظنونهم، أو يعظهم ما يرون من تظاهر آيات الله تعالى، الموجبة لتصديق/ نبيه صلى الله عليه وآله، فيتوبوا ويؤمنوا، فيقبل الله تعالى ذلك منهم، ويتوب عليهم، أو يكفروا بعد قيام الحجج، وتأكيد البينات والدلائل، فيموتوا أو يقتلوا كافرين؛ فيعذبهم الله باستحقاقهم فى النار؛ ويكون على هذا الجواب قوله تعالى: لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ معطوفا على قوله تعالى: وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ؛ أى ليس لك ولا لغيرك من هذا النصر شيء؛ وإنما هو من الله تعالى.
والجواب الثانى أن يكون أَوْ بمعنى «حتى»، أو «إلّا أنّ»؛ والتقدير: ليس لك من الأمر شيء حتى يتوب عليهم؛ أو إلا أن يتوب عليهم، كما قال امرؤ القيس: