وقال أيضا:
أخىّ إنّ الصّبا استمرّ به … سير الليالى فأنهجت برده (?)
تصدّعنى الحسان مبعدة … إذ أنا لا قربه ولا صدده
شيب على المفرقين بارضه … يكثرنى أن أبينه هدده (?)
تطلب منى الشّباب ظالمة … بعيد خمسين حين لا تجده
لا عجب إن مللت خلّتنا … فافتقد الوصل منك مفتقده
من يتطاول على مطاولة ال … عيش تقعقع من ملّة عمده
قال سيدنا أدام الله تمكينه: ورأيت الآمدىّ قد أخطأ فى معنى البيت الأخير، لأنه قال: معنى «تقعقع من ملّة عمده» أى عظامه، يجيء لها صوت إذا قام وقعد من كبره وضعفه قال: وقوله: «من ملّة» أى من تملّى العيش؛ يريد طوله ودوامه؛ ومنه تملّيت حبيبك والأمر بخلاف ما توهمه، ومعنى «تقعقع من ملّة عمده» أنّ من تطاول عمره تعجّل ترحّله وانتقاله عن الدنيا؛ وكنى عن ذلك/ بتقعقع العمد؛ وهذا مثل معروف للعرب، يقولون: «من يتجمّع يتقعقع عمده»؛ يريدون أنّ التجمّع داعى التفرق؛ وأنّ الاجتماع يعقب ويورث ما يدعو إلى الانتقال الّذي يتقعقع معه العمد.
والآمدىّ على كثرة ما يدعيه من التنقيب والتنقير على علوم العرب إن كان لم يعرف هذا المثل ومعناه فهو طريف، وإن كان قد سمعه وجهل أنّ معنى بيت البحترىّ يطابقه فهو أطرف.
فأما قوله: «من ملّة» فإنما أراد به من ملل؛ وملّة «فعلة» من الملل، وكيف يكون