ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى؛ [الليل: 20]، وقوله: وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ، [الروم: 39]؛ فمعلوم أن هذه الأفعال مفعولة له؛ ومقصود بها ثوابه، والقربة إليه، والزلفة عنده.
فأما قوله تعالى: فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ؛ [البقرة: 115]، فيحتمل أن يراد به: فثمّ الله، لا على معنى الحلول، ولكن على معنى التدبير والعلم، ويحتمل أن يراد به: فثمّ رضا الله وثوابه والقربة إليه.
ويحتمل أن يراد بالوجه الجهة، وتكون الإضافة بمعنى الملك والخلق والإنشاء والإحداث؛ لأنه عزّ وجل قال: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ؛ أى أن الجهات كلّها لله تعالى وتحت ملكه؛ وهذا واضح بيّن بحمد الله.
أخبرنى أبو الحسن عليّ بن محمد الكاتب قال حدّثني محمد بن يحيى الصولىّ قال: انحدرنا مع المكتفى بالله فى آخر سفرة سافرها للصيد من الموضع المعروف بحنّة إلى تكريت فى حرّاقة (?) فكانت تجنح كثيرا، فيشتد فزع من معه من الجلساء/ لذلك؛ وكنت أشدّهم فزعا، وكان فى الحرّاقة سواى من الجلساء يحيى بن عليّ المنجم، ومتوّج بن محمود بن مروان، والقاسم المعروف بابن حبابة، وكان يضحك لفزعنا ويقول: لقد قسم الله لكم حظّا من الشجاعة جزيلا، فقلت له: إن البحترىّ يقول شعرا يصف فيه مثل حالنا، ويمدح به أحمد بن دينار بن عبد الله- وقد غزا الروم فى مراكب- أوله:
ألم تر تغليس الرّبيع المبكّر … وما حاك من وشى الرّياض المنشّر (?)