وقال عدىّ بن زيد العبادىّ (?):

أيّها القلب تعلّل بددن … إنّ همّى فى سماع وأذن (?)

والأذن هو السّماع، وإنما حسّن (?) تكرير المعنى اختلاف اللفظ. وللعرب فى هذا مذهب معروف، ومثله:

* وهند أتى من دونها النّأى والبعد*

فأما الدّدن فهو اللهو/ واللعب، وفيه لغات ثلاث: دد على مثال دم، وددا على مثال فتى، وددن على مثال حزن؛ ومنه

قول النبي عليه السلام: «ما أنا من دد ولا الدّد منّي (?)».

فإن قيل: كيف يحمل قوله: «لا يأذن الله لشيء كإذنه لكذا وكذا» على معنى الإسماع، وهو تعالى سامع لكلّ شيء مسموع، فأىّ معنى للاختصاص؟ قلنا: ليس المراد هاهنا بالإسماع مجرد الإدراك، وإنما المراد به القبول، فكأنّه عليه السلام قال:

إنّ الله تعالى لا يتقبّل أو يثيب على شيء من أهل الأرض كتقبّله وثوابه على كذا وكذا، ومن هذا قولهم: هذا كلام لا أسمعه، وخاطبت فلانا بكلام فلم يسمعه (?)، وإنما يريد نفى القبول لا الإدراك، والبيت الّذي أنشدناه يشهد بذلك، لأنه قال:

* وإن ذكرت بسوء عندهم أذنوا*

ونحن نعلم أنّهم يستمعون الذّكر بالخير والشر معا من حيث الإدراك؛ فوجه الاختصاص ما ذكرناه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015