والجواب الأول واضح إذا لم نذهب إلى مذهب أبى عليّ فى هذا الباب؛ على أنّ اقتضاء الآية للاستقبال من أوضح دليل على فساد قولهم؛ لأن الكلام إذا اقتضى حدوث المشيئة واستقبالها بطل قول من قال منهم: إنه مريد لنفسه، أو مريد بإرادة قديمة، وصحّ ما تقوله من إنّ إرادته متجدّدة محدثة.
ويمكن فى تأويل الآية وجه آخر مع حملنا إياها على العموم؛ من غير أن نخصها بما تقدّم ذكره من الاستقامة؛ ويكون المعنى: وما تشاءون شيئا من فعالكم إلا أن يشاء الله تمكينكم من مشيئته، وإقداركم عليها والتخلية بينكم وبينها؛ وتكون الفائدة فى ذلك الإخبار عن الافتقار إلى الله تعالى؛ وأنه لا قدرة للعبد على ما لم يقدّره الله تعالى عزّ وجل، وليس يجب عليه أن يستبعد هذا الوجه؛ لأن ما تتعلّق به المشيئة فى الآية محذوف غير مذكور؛ وليس لهم أن يعلقوا قوله تعالى: إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ بالأفعال دون تعلقه بالقدرة؛ لأن كل واحد من الأمرين غير مذكور، وكل هذا واضح بحمد الله.
ونعود إلى ما كنا وعدنا به من الكلام على شعر مروان؛ فمما يختار قوله من قصيدة أوّلها:
طرقتك زائرة، فحىّ خيالها … بيضاء تخلط بالحياء دلالها
يقول فيها:
مالت (?) بقلبك فاستقاد ومثلها … قاد القلوب إلى الصّبا فأمالها
وكأنّما طرقت بنفحة روضة … سحّت بها ديم الرّبيع ظلالها
باتت تسائل فى المنام معرّسا (?) … بالبيد أشعث لا يملّ سؤالها
فى فتية هجعوا غرارا بعد ما … سئموا مراعشة السّرى ومطالها