الحبس؛ وإن كان قد أراد ما هو متعلق بهاتين الحالتين.
وقد ذكر فى ذلك وجه آخر على ألّا يكون قوله: وَهُمْ كافِرُونَ حالا لزهوق أنفسهم؛ بل يكون كأنه كلام مستأنف، والتقدير فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم؛ إنما يريد الله ليعذّبهم بها فى الحياة الدنيا؛ وتزهق أنفسهم وهم مع ذلك كافرون صائرون إلى النار؛ وتكون الفائدة أنهم مع عذاب الدنيا قد اجتمع عليهم عذاب الآخرة؛ ويكون معنى تَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ على هذا الجواب غير الموت وخروج النفس على الحقيقة، بل المشقة الشديدة والكلف (?) الصّعبة، كما يقال: ضربت فلانا حتى مات وتلفت نفسه، وخرجت روحه، وما أشبه ذلك.
قال سيدنا أدام الله تمكينه: ذاكرنى قوم من أهل الأدب بأشعار المحدثين وطبقاتهم وانتهوا إلى مروان بن يحيى بن أبى حفصة (?)؛ فأفرط بعضهم فى وصفه وتقريظه، وآخرون فى ذمه وتهجينه والإزراء على شعره وطريقته؛ واستخبروا عما أعتقده فيه، فقلت لهم:
كان مروان متساوى الكلام، متشابه الألفاظ، غير متصرّف فى المعانى ولا غواص عليها ولا مدقّق لها؛ فلذلك قلّت
النّظائر فى شعره، ومدائحه مكرّرة الألفاظ والمعانى، وهو غزير الشعر قليل المعنى؛ إلا أنه مع ذلك شاعر له تجويد وحذق، وهو أشعر من كثير من أهل زمانه وطبقته، وأشعر شعراء أهله؛ ويجب أن يكون دون مسلم بن الوليد فى تنقيح الألفاظ وتدقيق المعانى، وحسن الألفاظ، ووقوع التشبيهات، ودون بشّار بن برد فى الأبيات النادرة السائرة، فكأنه طبقة بينهما؛ وليس بمقصّر دونهما شديدا، ولا منحط عنهما بعيدا.
وكان إسحاق بن إبراهيم الموصلىّ يقدّمه على بشار ومسلم، وكذلك أبو عمرو الشيبانىّ