قال: فو الله ما أنشدتها حتى حلفت ألّا تعذلنى أبدا.
حدثنا عليّ بن محمد الكاتب قال أخبرنا ابن دريد قال أخبرنا عبد الرحمن بن أخى الأصمعى عن عمه قال: رأيت بقباء شابا من بنى عامر؛ فما رأيت بدويا أفصح منه، ولا أظرف؛ فو الله لكأنه شواظ يتلظّى، فاستنشدته فأنشدنى:
فلم أنسكم يوم اللّوى إذ تعرّضت … لنا أمّ طفل خاذلا قد تخلّت (?)
وقالت سأنسيك العشيّة ما مضى … وأصرف منك النّفس عمّا أجنّت (?)
فما (?) فعلت- لا والّذي أنا عبده- … على ما بدا من حسنها إذ أدلّت
أبت سابقات الحبّ إلّا مقرّها … إليك، وما تثنى إذا ما استقرّت
هواك الّذي فى النّفس أمسى دخيلها … عليه انطوت أحشاؤها واستمرّت
وأنشدنى أيضا:
ديار للّتى طرقتك وهنا … بريّا روضة وذكاء رند (?)
تسائلنى وأصحابى هجود … وتثنى عطفها من غير صدّ
فلمّا أن شكوت الحبّ قالت: … فإنّى فوق وجدك كان وجدى
ولكن حال دونك ذو شذاة … أسرّ بفقده ويهرّ فقدى (?)
وبهذا الإسناد عن الأصمعىّ قال: قعدت إلى أعرابىّ يقال له إسماعيل بن عمار، وإذا هو يفتل أصابعه ويتلهف،
فقلت له: علام تتلهف؟ فأنشأ يقول:
عيناى مشئومتان ويحهما! … والقلب حيران (?) مبتلى بهما