وهشّوا إليه ومازحوه أيقن بالقرى، وإذا أعرضوا عنه عرف الحرمان.
ومعنى: «أثنى* بجهدى من طعام أو بساط»، أى أتبع ذلك بهذا.
ومعنى الخبر على هذا أنّ من كان من شأنه العبث بالناس والاستهزاء بهم، والضحك منهم أصاره الله تعالى إلى حالة يعبث به فيها، ويستهزئ أمنه.
ويقارب هذا الحديث من وجه حديث آخر؛ وهو ما روى عن النبي صلى الله عليه وآله: «من يسمّع الناس بعمله يسمّع الله به»؛ والمعنى: من يرائى (?) بأعماله ويظهرها تقربا إلى الناس واتخاذا للمنازل عندهم؛ يشهره (?) الله بالرياء ويفضحه ويهتكه.
ويمكن أيضا فى الخبر الأول وجه آخر لم يذكر فيه؛ وهو أن من عادة العرب أن يسمّوا الجزاء على الشيء باسمه؛ ولذلك نظائر فى القرآن وأشعار العرب كثيرة مشهورة، فلا ينكر أن يكون المعنى: من يتّبع اللهو بالناس، والاستهزاء بهم يعاقبه الله تعالى على ذلك ويجازيه؛ فسمى الجزاء على الفعل باسمه؛ وهذا الوجه أيضا ممكن فى الخبر الثانى.
أخبرنا أبو عبيد الله المرزبانىّ قال أخبرنا ابن دريد قال أخبرنا عبد الرحمن بن أخى الأصمعى عن عمه قال: إنى لفى سوق ضريّة (?)، وقد نزلت على رجل من بنى كلاب كان متزوجا بالبصرة، وكان له ابن بضريّة، إذ أقبلت عجوز على ناقة لها، حسنة البزّة، فيها بقايا جمال، فأناخت/ وعقلت ناقتها، وأقبلت تتوكّأ على محجن (?) لها فجلست قريبا منّا، وقالت: هل من منشد؟ فقلت للكلابىّ: أيحضرك شيء؟ قال: لا، قال: فأنشدتها شعر البشر بن عبد الرحمن الأنصارىّ:
وقصيرة الأيام ودّ جليسها … لو باع مجلسها بفقد حميم (?)