معصوما من القبائح بعصمة الله تعالى له وبلطفه وتوفيقه.
فإن قيل: الظاهر خلاف ذلك لأنه قال: وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ فيجب أن يكون المراد ما يمنعهم من الكيد ويرفعه؛ والّذي ذكرتموه من انصرافه عن المعصية لا يقتضي ارتفاع الكيد والانصراف عنه.
قلنا: معنى الكلام: وإلا تصرف/ عنى ضرر كيدهنّ والغرض به؛ لأنهنّ إنما أجرين بكيدهنّ إلى مساعدته لهنّ على المعصية، فإذا عصم منها ولطف له فى الانصراف عنها؛ فكأنّ الكيد قد انصرف عنه ولم يقع به، من حيث لم يقع ضرره وما أجرى به إليه، ولهذا يقال لمن أجرى بكلامه إلى غرض لم يقع: ما قلت شيئا، ولمن فعل ما لا تأثير له: ما فعلت شيئا، وهذا بيّن بحمد الله ومنّه.
إن سأل سائل عن تأويل الخبر الّذي يرويه عقبة بن عامر أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله قال فى خطبة طويلة خطبها: «من يتّبع المشمعة يشمّع الله به».
والجواب، إن المشمعة هى الضّحك والمزاح واللعب، يقال: شمع الرّجل يشمع شموعا، وامرأة شموع إذا كانت كثيرة المزاح والضّحك: قال أبو ذؤيب يصف الحمير:
بقرار قيعان سقاها وابل … واه فأثجم برهة لا يقلع (?)
فلبثن حينا يعتلجن بروضة … فيجدّ حينا فى العلاج ويشمع (?)
أراد أنّ هذا الحمار الّذي وصف حاله مع الأتن، وأنه معهنّ فى بعض القيعان يعارك هذه الأتن.