فلو أنّها نفس تموت سويّة … ولكنها نفس تساقط أنفسا (?)
أراد: فلو أنّها نفس تموت سويّة لانقضت وفنيت، فحذف الجواب؛ على أنّ من تأوّل هذه الآية على الوجه الّذي لا يليق بنبىّ الله تعالى، وأضاف العزم على المعصية إليه لا بد له من تقدير جواب محذوف، ويكون التقدير عنده: ولقد همّت بالزّنا وهمّ به؛ لولا أن رأى برهان ربه لفعله.
فإن قيل قوله: هَمَّ بِها كقوله: هَمَّتْ بِهِ فلم جعلتم همّها به متعلّقا بالقبيح وهمّه بها متعلقا بما ذكرتم من الضرب وغيره؟
قلنا: أما الظاهر فلا يدلّ على ما تعلق به الهم والعزم فيهما جميعا، وإنما أثبتنا همّها به متعلّقا بالقبيح، لشهادة الكتاب والآثار؛ وهى ممن يجوز عليه فعل القبيح، ولم يؤمن دليل من امتناعه عليها؛ كما أمن ذلك فيه عليه السلام.
والموضع الّذي يشهد بذلك من الكتاب قوله تعالى: وَقالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ/ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ إلى قوله: إِنَّا لَنَراها فِي ضَلالٍ مُبِينٍ، [يوسف: 30]، وقوله تعالى: وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ [يوسف: 23]، وقوله تعالى: الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ (?) وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ [يوسف: 51]، وفى موضع آخر: قالَتْ فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ [يوسف: 32].