نفى عنهما السحر جبرائيل وميكائيل عليهما السلام؛ [لأن سحرة اليهود- فيما ذكر- كانت تدّعى أن الله تعالى أنزل السحر على لسان جبرائيل وميكائيل] (?) إلى سليمان بن داود عليهما السلام، فأكذبهما الله تعالى بذلك.
ويجوز أن يكون هاروت وماروت يرجعان إلى الشياطين، كأنه قال: ولكن الشياطين:
هاروت وماروت كفروا؛ ويسوغ ذلك كما ساغ فى قوله تعالى: وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ؛ [الأنبياء: 78]، يعنى حكم داود وسليمان عليهما السلام.
ويكون قوله تعالى على هذا التأويل: وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ راجعا إلى هاروت وماروت اللذين هما من الشياطين، أو من الإنس المتعلمين للسحر من الشياطين والعاملين به. ومعنى قولهما: إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ يكون على طريق الاستهزاء والتماجن والتخالع، كما يقول الماجن من الناس إذا فعل قبيحا أو قال باطلا: هذا فعل من لا يفلح، وقول من لا ينجب، والله ما حصلت/ إلا على الخسران؛ وليس ذلك منه على سبيل النّصح للناس وتحذيرهم من مثل فعله، بل على وجه المجون والتهالك.
ويجوز أيضا على هذا التأويل الّذي يتضمّن النفى والجحد أن يكون هاروت وماروت اسمين لملكين، ونفى عنهما إنزال السحر بقوله: وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ ويكون قوله: وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ يرجع إلى قبيلتين من الجنّ أو إلى شياطين الجنّ والإنس، فتحسن التثنية لهذا.
وقد روى هذا التأويل الأخير فى حمل ما على النفى عن ابن عباس وغيره من المفسرين.
وروى عنه أيضا أنه كان يقرأ: وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بكسر اللام، ويقول:
متى كان العلجان ملكين! إنما كانا ملكين؛ (1) وعلى هذه القراءة لا ينكر أن يرجع قوله:
وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ إليهما (1).