وما العفّ من ولى عن الضّرب سيفه … ولكنّ من ولى عن السّوء حزمه
/ ولى فى معنى قوله: «وما الإشراف من خلقى»:
ما خامر الرّزق قلبى قبل فجأته … ولا بسطت له فى النّائبات يدى
كم قد ترادف لم أحفل زيادته … ولو تجاوزنى ما فتّ من عضدى
إن أسخط الأمر أدرك عنه مضطربا … وإن أرد بدلا من مذهب أجد (?)
ومعنى «ما خامر الرّزق قلبى» أى لم أتمنّه، ولا تطلّعت إلى حضوره، ولا خطر لى ببال تنزّها وتقنعا؛ والوجه فى تخصيص نفى بسط اليد بالنوائب، لأن النوائب (?) يضرع عندها فى الأكثر المتنزّه، ويطلب المتعفّف؛ فمن لزم النزاهة مع الحاجة وشدّة الضرورة فهو الكامل المروءة.
ومعنى البيت الثانى ظاهر.
فأما الثالث فالمراد به أننى ممّن إذا كره شيئا تمكّن من مفارقته والنزوع عنه، ولست ممّن تضيق حيلته، وتقصر قدرته عن استدراك ما يحب بما يكره. وفيه فائدة أخرى، وهى أننى ممن لا تملكه العادات، وتقتاده الأهواء؛ بل متى أردت مفارقة خلق إلى غيره، وعادة إلى سواها لم يكن ذلك عليّ متعذّرا؛ من حيث كان لرأيى على هواى السلطان والرجحان.
أخبرنا أبو عبيد الله المرزبانىّ قال حدثنى محمد بن إبراهيم قال حدثنا أحمد بن يحيى النحوىّ قال أخبرنا الزبير بن بكّار قال حدّثني عروة بن عبيد الله بن عروة بن الزبير قال: كان عروة ابن أذينة نازلا مع أبى فى قصر عروة بالعقيق، فسمعته ينشد لنفسه:
إنّ الّتي زعمت فؤادك ملّها … خلقت هواك كما خلقت هوى لها (?)