الدين ومختصّ باستحقاق الثواب، وإن كان مقيّدها باقيا على ما كان عليه فى اللغة.

ويبيّن ذلك أيضا ما روى عن الحسن أنه قال: «الوضوء قبل الطعام ينفى الفقر، وبعده ينفى اللّمم»؛ وإنما أراد غسل اليدين بغير شك. وروى عن قتادة أنه قال: «غسل اليد وضوء» وروى عكراش (?) أن رسول الله صلى الله عليه وآله أكل [وغسل يده ومسح ببلل يده وجهه] (?) وذراعيه ورأسه (?)، وقال: «هكذا الوضوء ممّا مست النار»، على أنه لو كانت هذه اللفظة منتقلة على كلّ حال إلى الأفعال الشرعية المخصوصة لصحّ أن نحمله (?) فى الخبر على خلاف ذلك، ونردّها إلى أصلها بالأدلّة، وإن كان الأولى لولا الأدلة أن تحمل على مقتضى الشرع (?).

فمن الأدلة على ما ذكرناه ما رواه ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وآله أكل كتف شاة، وقام فصلّى ولم يتوضأ. وروى عطاء عن أمّ سلمة قالت: قرّبت جنبا مشويا إلى النبي صلى الله عليه وآله، فأكل منه، وصلّى ولم يتوضأ. وروى محمد بن المنكدر عن جابر أنه قال: كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وآله ترك الوضوء ممّا مسّت النار (?).

وكلّ هذه الأخبار توجب العدول عن ظاهر الخبر الأول لو كان له ظاهر، فكيف وقد بيّنا أنّه لا ظاهر له!

فأما اشتقاق الوضوء فهو من الوضاءة التى هى الحسن، فلما كان من غسل يده ونظفها قد حسّنها قيل وضّأها؛ ويقال: فلان وضيء الوجه وقوم وضاء، قال الشاعر:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015