تأويل خبر [: «إنّ هذا القرآن مأدبة الله ... ]

إن سأل سائل عن الخبر الّذي يرويه نافع عن أبى إسحاق الهجرىّ عن أبى الأحوص، عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وآله أنّه قال: «إنّ هذا القرآن مأدبة الله، فتعلّموا مأدبته ما استطعتم؛ وإنّ أصفر البيوت لجوف (?) أصفر من كتاب الله تعالى»

فقال: ما تأويله؟ وكيف بيان غريبه؟ .

الجواب؛ قلنا: المأدبة فى كلام العرب هى الطعام، يصنعه (?) الرجل ويدعو/ الناس إليه؛ فشبه النبىّ صلى الله عليه

وآله ما يكتسبه الإنسان من خير القرآن ونفعه وعائدته عليه إذا قرأه وحفظه؛ بما يناله المدعوّ من طعام الداعى وانتفاعه به؛ يقال: قد أدب الرجل يأدب فهو آدب؛ إذا دعا الناس إلى طعامه. ويقال للمأدبة المدعاة؛ وذكر الأحمر أنه يقال فيها أيضا:

مأدبة، بفتح الدال؛ قال طرفة:

نحن فى المشتاة ندعو الجفلى … لا ترى الآدب فينا ينتقر (?)

ومعنى «الجفلى» أنه عمّ بدعوته ولم يخصّ بها قوما دون قوم، والنّقرى إذا خصّ بها بعضا دون بعض، ومعنى «ينتقر» من النّقرى؛ قال بعض هذيل:

وليلة يصطلى بالفرث جازرها … يختصّ بالنّقرى المثرين داعيها (?)

لا ينبح الكلب فيها غير واحدة … عند الصّباح ولا تسرى أفاعيها

معنى «يصطلى بالفرث جازرها» أن الجازر إذا شقّ فيها الكرش أدخل يده لشدّة البرد فى الفرث مستدفئا به. ومعنى: «يختصّ بالنّقرى المثرين داعيها»؛ أنه يخصّ بدعائه إلى طعامه الأغنياء الذين يطمع من جهتهم فى المكافأة، وقال الآخر:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015