أراد: وقّعت على الجناجن؛ وهى عظام الصدر، فأقام اللام مقام «على».

وقد يقول القائل أيضا: تداعت على فلان داره، واستهدم عليه حائطه، ولا يريد أنه كان تحته؛ فأخبر تعالى بقوله: مِنْ فَوْقِهِمْ عن فائدة؛ لولاه ما فهمت. ولا جاز أن يتوهّم متوهّم فى قوله تعالى: فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ ما يتوهمه من قوله: خرب عليه ربعه، ووقفت عليه دابته، وأشباه ذلك.

وللعرب فى هذا مذهب ظريف لطيف؛ / لأنهم لا يستعملون لفظة «على» فى مثل هذا الموضع إلا فى الشرّ والأمر المكروه الضارّ، ويستعملون اللام وغيرها فى خلاف ذلك؛ ألا ترى أنهم لا يقولون: عمرت على فلان ضيعته، بدلا من قولهم: خربت عليه ضيعته، ولا ولدت عليه جاريته؛ بل يقولون: عمرت له ضيعته، وولدت له جاريته؛ وهكذا من شأنهم إذا قالوا: «قال عليّ»؛ و «روى عليّ»؛ فإنه يقال فى الشرّ والكذب، وفى الخير والحق؛ يقولون: «قال عنّى» و «روى عنّى»؛ ومثل ذلك قوله تعالى: وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ؛ [البقرة: 102]، لأنهم لما أضافوا الشّرّ والكفر إلى ملك سليمان حسن أن يقال: «يتلون عليه»، ولو كان خيرا لقيل عنه، ومثله وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ؛ [آل عمران: 75]، وقوله: أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ، [يونس: 68]؛ وقال الشاعر (?):

عرضت نصيحة منّى ليحيى … فقال: غششتنى، والنّصح (?) مرّ

وما بى أن أكون أعيب يحيى … ويحيى طاهر الأخلاق برّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015