سلّم النبي صلى الله عليه وآله أقبل على القوم فقال: «اللهمّ عليك بفلان وفلان» /، فلما رأوا النبي صلى الله عليه وآله قد دعا عليهم أسقط فى أيديهم، فو الله الّذي لا إله غيره ما سمّى النبي صلى الله عليه وآله يومئذ أحدا إلّا وقد رأيته يوم بدر، وقد أخذ برجله يجرّ إلى القليب مقتولا.
وقوله: «فيأخذ سلاها» أى جلدتها التى فيها ولدها ما دام فى بطنها، والجميع (?) الأسلاء؛ وقال ابن حبيب (?): الأسلاء التى فيها الأولاد، قال الأخطل:
ويطرحن بالثّغر السّخال كأنّما … يشقّقن بالأسلاء أردية العصب (?)
وقال الشّماخ:
والعيس ذامية المناسم ضمّر … يقذفن بالأسلاء تحت الأركب (?)
قال الفرّاء. سقط فى أيديهم من الندامة، وأسقط لغتان، وهى بغير ألف أكثر وأجود.
ويمكن أن يكون فى قوله: «يعذّب ببكاء أهله عليه» وجه آخر؛ وهو أن يكون المعنى أن الله تعالى إذا أعلمه ببكاء أهله وأعزّائه عليه وما لحقهم بعده من الحزن والهمّ تألم بذلك؛ فكان عذابا له؛ والعذاب ليس بجار مجرى العقاب الّذي لا يكون إلّا على ذنب متقدّم؛ بل قد يستعمل كثيرا بحيث يستعمل الألم والضرر؛ ألا ترى أنّ القائل قد يقول لمن ابتدأه بالضرر والألم: قد عذّبتنى بكذا وكذا؛ كما يقول: أضررت بى وآلمتني؛ وإنما لم يستعمل العقاب حقيقة فى الآلام المبتدأة من حيث كان اشتقاق لفظه من المعاقبة، التى لا بد من تقدم سبب لها، وليس هذا فى العذاب.