وقال امرؤ القيس:
ولا مثل يوم فى قداران ظلته … كأنى وأصحابى على قرن أعفرا (?)
ويروى: «فى قدار ظللته»؛ أراد المبالغة فى وصف نفسه وأصحابه بالقلق والاضطراب ومفارقة/ السّكون والاستقرار؛ وإنما خصّ الظّبى؛ لأن قرنه أكثر تحركا واضطرابا؛ لنشاطه ومرحه وسرعته.
وقد قال بعض الناس: إن امرأ القيس لم يصف شدّة أصابته فى هذا البيت فيليق قوله:
«على قرن أعفرا» بالتأويل المذكور؛ بل وصف أماكن كان فيها مسرورا متنعما؛ ألا ترى إلى قوله قبل هذا البيت بلا فصل:
ألا ربّ يوم صالح قد شهدته … بتاذف ذات التلّ من فوق طرطرا (?)
فيكون معنى قوله: «على قرن اعفرا» على هذا الوجه أنه كان على مكان عال مشرف؛ شبّهه لارتفاعه وطوله بقرن الظبى؛ وهذا القول لابن الأعرابىّ والأول (?) للأصمعىّ؛ فأما قول الآخر:
ألا قلّ خير الشّام (?) كيف تغيّرا … فأصبح يرمى النّاس عن قرن أعفرا
فلا يحتمل إلّا الشدة والحال المذمومة، ويجوز أن يريد أن الناس فيه غير مطمئنين بل هم منزعجون قلقون؛ كأنهم على قرن ظبى، ويحتمل أنه يريد أن يطعنهم بقرن ظبى، كقولك:
رماه بداهية، ويكون معنى «عن» هاهنا معنى الباء، فقال: «عن قرن أعفرا» وهو يريد بقرن أعفرا، وقد ذكر فى هذا
البيت الوجهان معا، فيكون معنى الآية على هذا التأويل أن القلوب لما اتصل وجيبها واضطرابها بلغت الحناجر لشدة القلق.