تأويل خبر [: «إنّ قلوب بنى آدم كلّها بين إصبعين من أصابع الرّحمن]

إن سأل سائل عن الخبر المروىّ عن عبد الله بن عمر أنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول: «إنّ قلوب بنى آدم كلّها بين إصبعين من أصابع الرّحمن، يصرّفها كيف شاء» (?) ثم يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله عند ذلك: «اللهم مصرّف القلوب، صرّف (?) قلوبنا إلى طاعتك». وعما يرويه أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: «ما من قلب آدميّ إلّا وهو بين إصبعين من أصابع الله تعالى، فإذا شاء أن يثبّته ثبّته، وإن شاء أن يقلّبه قلّبه». وعمّا يرويه ابن حوشب قال: قيل (?) لأم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وآله:

ما كان أكثر دعاء النبىّ صلى الله عليه وآله؟ قالت: كان أكثر دعائه: «يا مقلّب القلوب، ثبّت قلبى على دينك»، قالت: قلت: يا رسول الله، ما أكثر دعاءك (?): «يا مقلّب القلوب، ثبّت قلبى على دينك»! فقال: «يا أمّ سلمة، ليس من آدميّ إلا وقلبه بين إصبعين من أصابع الله، ما شاء أقام، وما شاء أزاغ».

فقال: ما تأويل/ هذه الأخبار على ما يطابق التوحيد وينفى التشبيه؟ أوليس من مذهبكم أنّ الأخبار التى يخالف ظاهرها الأصول، ولا تطابق العقول لا يجب ردّها، والقطع على كذب رواتها (?) إلّا بعد ألّا يكون لها فى اللغة مخرج ولا تأويل؟ وإن كان لها ذلك فباستكراه أو تعسّف، ولستم ممّن يقول ذلك فى مثل هذه الأخبار، فما تأويلها؟ .

الجواب، إنّ الّذي يعوّل عليه من تكلّم فى تأويل هذه الأخبار هو أن يقول: إن الإصبع فى كلام العرب وإن كانت الجارحة المخصوصة فهى أيضا الأثر الحسن؛ يقال: لفلان على ماله وإبله إصبع حسنة؛ أى قيام وأثر حسن؛ قال الراعى يصف راعيا حسن القيام على إبله:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015