وروى أنه دخل يوما السوق يشترى ثوبا فقال له رجل: هلمّ أقاربك فى هذا الثوب؛ فقال: إن لم تقاربنى باعدتك، ثم قال له: بكم هو؟ قال: قد أعطيت به كذا كذا، قال:
إنما تخبّرنى عما فاتك.
وروى أنّه كان ماشيا فى طريق، فقال له راكب: الطريق الطريق، فقال له: عن الطريق تعدلنى!
ومرض أبو الأسود فقيل له: هو أمر الله، فقال: ذاك أشدّ له!
وقيل إن امرأة أبى الأسود خاصمته إلى زياد فى ولدها، فقالت: أيها الأمير، إن هذا يغلبنى على ولدى، وقد كان بطنى له وعاء، وثديى له سقاء، وحجرى له فناء، فقال أبو الأسود:
[أبهذا تريدين أن تغلبينى على ابنى] (?)! فو الله لقد حملته قبل أن تحمليه، ووضعته قبل أن تضعيه، فقالت: ولا سواء، إنك حملته خفّا، وحملته ثقلا، ووضعته شهوة، ووضعته كرها، فقال له زياد: إنها امرأة عاقلة يا أبا الأسود، فادفع ابنها إليها، فأخلق أن تحسن أدبه.
وقال رجل لأبى الأسود: أنت والله ظريف لفظ، وظرف (?) علم، ووعاء حلم، غير أنّك بخيل؛ فقال: وما خير ظرف لا يمسك ما فيه!
وسلم عليه أعرابىّ يوما، فقال أبو الأسود: كلمة مقولة، فقال: أتأذن فى الدخول؟
قال: / وراءك أوسع لك! قال: فهل عندك شيء؟ قال: نعم، قال: أطعمنى، قال: عيالى أحقّ منك، قال: ما رأيت ألأم منك، قال: نسيت نفسك.
وسأله رجل شيئا فمنعه قال: ما أصبحت حاتميّا (?) قال: بلى، قد أصبحت حاتمكم من حيث لا تدرى، أليس حاتم الّذي يقول:
أماوىّ إمّا مانع فمبيّن … وإمّا عطاء لا ينهنهه الزّجر (?)