فشكا مرة، فقالوا: ما نحن نرميك؛ ولكنّ الله يرميك، فقال: كذبتم، لو كان الله يرمينى ما أخطأنى.
وقال لهم يوما: يا بنى (?) قشير، ما فى العرب أحد أحبّ إلى طول بقاء منكم، قالوا:
ولم ذاك؟ قال: لأنكم إذا ركبتم أمرا علمت أنه غىّ فأجتنبه، وإذا اجتنبتم أمرا علمت أنه رشد، فاتبعته فنازعوه الكلام، فأنشأ يقول:
يقول الأرذلون بنو قشير … طوال الدّهر لا تنسى عليّا
أحبّ محمّدا حبّا شديدا … وعبّاسا وحمزة والوصيّا
/ أحبّهم لحبّ الله حتّى … أجئ إذا بعثت على هويّا
فإن يك حبّهم رشدا أصبه … ولست بمخطئ إن كان غيّا
فقالوا له: أشككت يا أبا الأسود، فقال: ألم تسمعوا الله تعالى يقول: وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ، أفترون الله شكّ!
أما قوله: «هويّا» فإنه لغة هذيل؛ يقولون ذلك فى كل مقصور (?)؛ مثل الهوى والعصا والتقى والقفا. قال أبو ذؤيب الهذلى:
سبقوا هوىّ وأعنقوا لسبيلهم … فتخرّموا ولكلّ جنب مصرع (?)
وروى أن أبا الأسود دخل على معاوية فقال له: أصبحت جميلا يا أبا الأسود؛ فلو علّقت تميمة تدفع العين عنك! فقال أبو الأسود:
أفنى الشّباب الّذي ولى وبهجته (?) … كرّ الجديدين من آت ومنطلق
لم يتركا لى فى طول اختلافهما … شيئا أخاف عليه لذعة الحدق