فأما قولهم: ثلاث يعرفن فى الأحمق: سرعة الجواب، وكثرة الالتفات، والثّقة بكل أحد؛ فمحمول على إسراعه بالجواب عند الرأى والمشاورة، والأحوال التى يستحب فيها التأيّد والتثبّت، أو على الإسراع من غير تحصيل ولا
ضبط؛ وذلك مذموم لا إشكال فيه.
ثم نعود إلى ما قصدناه.
روى أنّ بعض أزواج النبي صلى الله عليه وآله سألته: متى يعرف الإنسان ربّه فقال:
«إذا عرف نفسه». وقال له صلى الله عليه وآله رجل: إنى أكره الموت، فقال: «ألك مال؟ »، قال: نعم، قال: «قدّم مالك؛ فإن قلب كلّ امرئ عند ماله».
وقال يهودىّ لأمير المؤمنين عليه السلام: ما دفنتم نبيّكم حتى اختلفتم فيه، فقال عليه السلام: إنا اختلفنا عنه، لا فيه (?)؛ ولكنكم ما جفّت أقدامكم من البحر حتى قلتم لنبيكم:
اجعل لنا إلها كما لهم آلهة، قال: إنكم قوم تجهلون.
وروى أنه لما فرغ عليه السلام من دفن الرسول صلوات الله عليه وآله، سأل عن خبر السّقيفة فقيل له: إنّ الأنصار قالت: منّا أمير ومنكم أمير، فقال عليه السلام: فهلّا ذكرت الأنصار قول النبي صلى الله عليه وآله: «نقبل من محسنهم، ونتجاوز عن مسيئهم»! فكيف يكون الأمر فيهم والوصاة بهم!
وقال له عليه السلام ابن الكوّاء: يا أمير المؤمنين، كم بين السماء والأرض؟ فقال:
دعوة مستجابة. وقيل له: ما طعم الماء؟ فقال: طعم الحياة. وقيل له: كم بين المشرق والمغرب؟ فقال: مسيرة يوم للشمس. وأثنى عليه رجل- وكان له متّهما- فقال: أنا دون ما تقول، وفوق ما فى نفسك. وكان عليه السلام إذا أطراه رجل قال: اللهم إنك أعلم بى منه، وأنا أعلم منه بنفسى، فاغفر لي ما لا يعلم.
أخبرنا أبو عبيد الله المرزبانىّ قال: حدّثني عبد الواحد بن محمد الخصيبىّ قال: حدّثني