والله يا زهير، قال: أنتم والله الذين لا علم لهم. ثم أجمع خالد بن جعفر على قصد زهير وقتله.
واتّفق نزول زهير بالقرب من أرض بنى عامر، وكانت تماضر بنت عمرو بن الشّريد امرأة زهير بن جذيمة وأم ولده، فمرّ به أخوها الحارث بن عمرو بن الشريد، فقال زهير لبنيه: إنّ هذا الحمار لطليعة عليكم فأوثقوه، فقالت أخته لبنيها: أيزوركم خالكم فتوثقونه؟ وقالت تماضر لأخيها الحارث بن عمرو بن الشريد: إنه (?) ليريبنى اكبئنانك وقروتك- والاكبئنان الغمّ، والقروت (?) السكوت- فلا يأخذنّ فيك ما قال زهير، فإنه رجل بيذارة غيذارة شنوءة.
- قال الأثرم: البيذارة: الكثير الكلام، والعيذان: السّيئ الخلق- ثم حلبوا له وطبا، وأخذوا عليه يمينا ألّا يجير (?) عليهم، ولا ينذر بهم أحدا؛ فخرج الحارث حتى أتى بنى عامر، فقعد إلى شجرة يجتمع إليها بنو عامر، وألقى الوطب تحتها والقوم ينظرون، ثم قال: أيتها الشجرة الذليلة، اشربى من هذا اللبن، وانظرى ما طعمه. فقال قوم: هذا رجل مأخوذ عليه، وهو يخبركم خبرا، فذاقوا اللبن فإذا هو حلو لم يقرص بعد، فقالوا: إنه يخبرنا أن مطلبنا قريب، فركب خالد بن جعفر بن كلاب ومعه جماعة، وكان راكبا فرسه حذفة، فلقوا زهيرا، فاعتنق خالد زهيرا، وخرّا عن فرسيهما، ووقع خالد فوق زهير ونادى:
يا بنى عامر، اقتلوني والرجل، واستغاث زهير ببنيه، فأقبل إليه ورقاء بن زهير يشدّ (?) بسيفه، فضرب خالدا ثلاث ضربات، فلم تغن شيئا، وكان على خالد درعان قد ظاهر بينهما، ثم ضرب حندج رأس زهير فقتله، ففى ذلك يقول ورقاء بن زهير:
رأيت زهيرا تحت كلكل خالد … فأقبلت أسعى كالعجول أبادر (?)
[إلى بطلين ينهضان كلاهما … يريدان نصل السّيف والسيف داثر] (?)