مجلسه. وأما إسماعيل بن (?) إسحاق فإنى ما دخلت عليه قطّ إلّا وفى يده كتاب ينظر فيه، أو يقلّب الكتب لطلب

كتاب ينظر فيه.

قال البلخىّ: تفرّد الجاحظ بالقول بأن المعرفة طباع، وهى مع ذلك فعل للعباد على الحقيقة، وكان يقول فى سائر الأفعال إنها تنسب إلى العباد على أنها وقعت منهم طباعا، وأنها وجبت بإرادتهم، وليس بجائز أن يبلغ أحد فلا يعرف الله تعالى؛ والكفار عنده بين معاند، وبين عارف قد استغرقه حبّه لمذهبه وشغفه به وإلفه وعصبيته؛ فهو لا يشعر بما عنده من المعرفة بخلافه.

وكان الجاحظ ملازما لمحمد بن عبد الملك الزيات (?)، وكان منحرفا عن أحمد بن أبى دؤاد، للعداوة التى كانت بين أحمد ومحمّد، فلما قبض على محمد بن عبد الملك الزيات هرب الجاحظ، فقيل له: لم هربت؟ فقال: خفت أن أكون ثانى اثنين إذ هما فى التنّور! يريد: ما صنع بمحمد بن عبد الملك من إدخاله تنورا فيه مسامير، كان هو صنعه ليعذّب الناس فيه، فعذب به حتى مات.

وروى انه أتى بالجاحظ بعد موت ابن الزيات وفى عنقه سلسلة، وهو مقيّد فى قميص سمل، فلما نظر إليه ابن أبى دؤاد قال: والله ما علمتك إلّا متناسيا للنعمة، كفورا للصنيعة، معدنا للمساوئ، وما فتّنى باستصلاحى (?) لك، ولكنّ الأيام لا تصلح منك لفساد طويّتك، ورداءة دخيلتك (?)، وسوء اختيارك، وغالب طبعك؛ فقال الجاحظ: خفّض عليك أيدك الله! فو الله لأن يكون لك الأمر عليّ خير من أن يكون لى عليك، ولأن أسيء وتحسن أحسن فى الأحدوثة عنك من أن أحسن فتسيء، ولأن تعفو عنى فى حال قدرتك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015