وفيهم لبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلاب، وهو يومئذ غلام له ذؤابة، وكان الربيع ابن زياد العبسىّ ينادم النعمان، ويكثر عنده، ويتقدم على من سواه، وكان يدعى الكامل، لشطاطه (?) وبياضه وكماله.

فضرب النعمان قبّة على أبى براء، وأجرى عليه وعلى من كان معه النّزل، فكانوا يحضرون النعمان لحاجتهم، فافتخروا يوما بحضرته، فكاد العبسيون يغلبون العامريين، وكان الربيع إذا خلا بالنعمان طعن فيهم، وذكر معايبهم؛ ففعل ذلك مرارا لعداوته لبنى جعفر؛ لأنهم كانوا أسروه، فصدّ النعمان عنهم حتى نزع القبة عن أبى براء، وقطع/ النّزل، ودخلوا عليه يوما فرأوا منه جفاء، وقد كان قبل ذلك يكرمهم، ويقدّم مجلسهم، فخرجوا من عنده غضابا، وهمّوا بالانصراف، ولبيد فى رحالهم يحفظ أمتعتهم، ويغدو بإبلهم فيرعاها، فإذا أمسى انصرف بها.

فأتاهم تلك الليلة وهم يتذاكرون أمر الربيع، فقال لهم: ما كنتم (?) تتناجون؟ فكتموه، وقالوا له: إليك عنا، فقال: أخبرونى، فلعلّ لكم عندى فرجا، فزجروه، فقال: والله لا أحفظ لكم متاعا، ولا أسرح لكم بعيرا (?) أو تخبرونى؟ وكانت أم لبيد عبسية فى حجر الربيع، فقالوا له: خالك قد غلبنا على الملك، وصدّ (?) عنا وجهه، فقال: هل تقدرون أن تجمعوا بينى وبينه غدا حين يقعد الملك فأرجز به رجزا ممضّا مؤلما، لا يلتفت إليه النعمان بعده أبدا؟ قالوا له: وهل عندك ذلك؟ قال: نعم، قالوا: فإنّا نبلوك بشتم (?) هذه البقلة- وقدامهم بقلة دقيقة القضبان، قليلة الورق،

لاصقة فروعها بالأرض، تدعى التّربة- فاقتلعها من الأرض وأخذها بيده، وقال: «هذه البقلة التّربة التّفلة الرذلة، التى لا تذكى نارا، ولا تؤهل دارا، ولا تستر جارا، عودها ضئيل، وفرعها ذليل، وخيرها قليل، بلدها شاسع ونبتها خاشع، وآكلها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015