وذكر محمد بن الجهم (?) صاحب الفرّاء قال: رأيت أبا الهذيل وقد جاء إلى الديوان فى أيام المأمون فسأل سهل بن هارون بن راهبون أن يكتب له كتابا فى حاجة له إلى حفصويه صاحب الجيش، ونهض أبو الهذيل؛ فأملى عليّ سهل بن هارون:

إنّ الضّمير إذا سألتك حاجة … لأبى الهذيل خلاف ما أبدى

فإذا أتاك لحاجة فامدد له … حبل الرّجاء بمخلف الوعد

وألن له كنفا ليحسن ظنّه … فى غير منفعة ولا رفد

حتى إذا طالت شقاوة جدّه … ورجا الغنى فاجبهه بالرّدّ

وإن استطعت له المضرّة فاجتهد … فيما يضرّ بأبلغ الجهد

/ وانظر كلامى فيه فارم به … خلف الثّريّا منك فى البعد (?)

وكذاك فافعل غير محتشم … إن جئت أسأل فى أبى الهندى (?)

قال سيدنا المرتضى أدام الله تأييده: ويشبه هذا المعنى ما أخبرنا به أبو عبيد الله المرزبانىّ قال: حدثنى محمد بن أبى الأزهر قال: حدثنا أبو العيناء قال: كان لى صديق فجاءنى يوما فقال لى: أريد الخروج إلى فلان العامل، وأحببت أن تكون معى إليه وسيلة، وقد سألت من صديقه، فقيل لى: أبو عثمان الجاحظ، وهو صديقك، فأحب أن تأخذ لى كتابه إليه بالعناية، قال: فصرت إلى الجاحظ، فقال لى: فى أىّ شيء جاء أبو عبد الله؟ فقلت: مسلّما وقاضيا الحقّ، وفى حاجة لبعض أصدقائى وهى كذا وكذا، فقال: لا تشغلنا الساعة عن المحادثة، فإنى فى غد أوجّه إليك بالكتاب، فلما كان من الغد وجّه إلى بالكتاب مختوما فقلت لابنى: وجّه هذا الكتاب إلى فلان، ففيه حاجته، فقال لى: إنّ أبا عثمان بعيد الغور فينبغى أن تفضّه وتنظر ما فيه، ففعل فإذا فى الكتاب: «كتابى إليك مع من لا أعرفه،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015