فلما تتابع على واصل ما يشهد بإلحاده قال عند ذلك: أما لهذا الأعمى الملحد! أما لهذا المشنّف المكتنى (?) بأبى معاذ من يقتله! أما والله لولا أنّ الغيلة سجية من سجايا الغالية لدسست إليه من يبعج بطنه فى جوف منزله على مضجعه، أو فى يوم حفله، ثم كان لا يتولّى ذلك إلّا عقيلىّ أو سدوسىّ، فعدل واصل بن عطاء من الضّرير إلى الأعمى، ومن الكافر إلى الملحد، ومن المرعّث إلى المشنّف، ومن بشّار إلى أبى معاذ، ومن الفراش إلى المضجع وزاد قوم فقالوا: ومن أرسلت إلى دسست، ومن يبقر إلى يبعج، ومن داره إلى منزله، ومن المغيريّة (?) إلى الغالية/، والأول أشبه بأن يكون مقصودا، وما ذكرت (?) ثانيا قد يتّفق استعماله من غير عدول عن استعمال الراء.
فأما قوله: «لا يتولّى ذلك إلا عقيلىّ [أو سدوسىّ] (?)» فلأن بشارا كان مولى لهم، وذكره بنى سدوس لأن بشارا كان ينزل فيهم. فأما لقب بشّار بالمرعّث فقد قيل فيه ثلاثة أقوال: أحدها أنه لقّب بذلك لبيت قاله وهو:
قال ريم مرعّث … فاتر الطّرف والنّظر
لست والله قاتلى (?) … قلت أو يغلب القدر
والقول الثانى أنّه كان لبشّار ثوب له جيبان: أحدهما عن يمينه، والآخر عن شماله، فكان إذا أراد لبسه يضمّه عليه ضمّا، من غير أن يدخل رأسه فيه، فشبّه استرسال الجيبين وتدلّيهما بالرّعاث، وهى القرطة، فقيل: المرعّث، وقال أبو عبيدة: إنّما سمّى المرعّث لأنه كان يلبس فى صباه رعاثا، وهذا هو القول الثالث.
وكان بشّار مقدما فى الشعر جدا حتى إن كثيرا من الرّواة يلحقه بمن تقدّم عصره عليه