العقل وشهادة اللفظ، فأما دليل العقل فمن حيث علمنا أنّه تعالى كره الاختلاف، والذّهاب عن الدين، ونهى عنه، وتوعّد عليه، فكيف يجوز أن يكون شائيا له، ومجريا (?) بخلق العباد إليه.

وأما شهادة اللفظ فلأنّ الرحمة أقرب الى هذه الكناية من الاختلاف، وحمل اللفظ على أقرب المذكورين إليها أولى فى لسان العرب.

فأما ما طعن به السائل، وتعلّق به من تذكير الكناية، وأنّ الكناية عن الرحمة لا تكون إلا مؤنثة فباطل، لأن تأنيث الرحمة غير حقيقى، وإذا كنى عنها بلفظ التذكير كانت الكناية على المعنى، لأن معناها هو الفضل والإنعام؛ كما قالوا: سرّنى كلمتك، يريدون سرّنى كلامك، وقال الله تعالى: هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي؛ [الكهف: 98]؛ ولم يقل «هذه»، وإنما أراد هذا فضل من ربى؛ وقالت الخنساء:

فذلك يا هند الرّزيّة فاعلمى … ونيران حرب حين شبّ وقودها (?)

أرادت الرّزء؛ وقال امرؤ القيس:

برهرهة رؤدة رخصة … كخرعوبة البانة المنفطر (?)

فقال: «المنفطر» ولم يقل المنفطرة، لأنه ذهب إلى الغصن؛ وقال الآخر:

هنيئا لسعد ما اقتضى بعد وقعتى (?) … بناقة سعد والعشيّة بارد

فذكّر الوصف: لأنه ذهب إلى العشىّ؛ وقال الآخر:

قامت تبكّيه على قبره … من لى من بعدك يا عامر (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015