انصرم الشتاء قفلت، ولا تقول: إن جاء الصيف، ولا إن انصرم الشتاء، لأن الصيف لا بدّ من مجيئه، والشتاء لا بدّ من انصرامه، وكذا لا تقول: إن جاء شعبان، كما تقول: إذا جاء شعبان، وتقول: إن جاء زيد لقيته، فلا تقطع بمجيئه، فإن قلت: إذا جاء، قطعت بمجيئه، فلما خالفت إذا إن، فيما تقتضيه إن من الإبهام، لم يجزموا بها فى سعة الكلام.

و «لو» من الحروف التى تقتضى الأجوبة، وتختصّ بالفعل، ولكنهم لم يجزموا به، لأنه لا ينقل الماضى إلى الاستقبال، كما تفعل حروف الشرط، تقول: لو زارنى زيد أمس أكرمته، وربّما جزموا به فى الضرورة، قالت امرأة من بنى الحارث بن كعب:

فارسا ما غادروه ملحما … غير زمّيل ولا نكس وكل (?)

لو يشاء طار به ذو ميعة … لاحق الآطال نهد ذو خصل

غير أن البأس منه شيمة … وصروف الدّهر تجرى بالأجل

واقتدى بها فى الجزم (?) [به] أبو الحسن الرضىّ، رضي الله عنه، فقال فى قصيدة، رثى بها أبا إسحاق إبراهيم بن هلال الصابىّ:

إنّ الوفاء كما اقترحت فلو تكن … حيّا إذا ما كنت بالمزداد (?)

قولها: «فارسا ما غادروه» نصبت «فارسا» بمضمر فسّره «غادروه»، و «ما» زيادة/والملحم: الذى أحيط به فى الملحمة، وهو الموضع الذى يلتحم فيه المحاربون.

والزّمّيل: الجبان الضّعيف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015