فصل

أنبّه فيه على فضائل أبى الطّيّب، وأورد فيه غررا من حكمه. فمن بدائعه قوله فى الحمّى:

وزائرتى كأنّ بها حياء … فليس تزور إلاّ فى الظّلام (?)

بذلت لها المطارف والحشايا … فعافتها وباتت فى عظامى

المطارف: جمع مطرف، ومطرف، وهو الذى فى طرفه علمان.

والحشايا: جمع حشيّة، وهو ما حشى، ممّا يفرش.

إذا ما فارقتنى غسّلتنى … كأنّا عاكفان على حرام

إنما خصّ الحرام، والاغتسال يكون من الحلال والحرام؛ لأنه جعلها زائرة، والزائرة غريبة، فليست بزوجة ولا مملوكة (?).

كأنّ الصّبح يطردها فتجرى … مدامعها بأربعة سجام

إنما قال: «بأربعة» لأنه أراد الغروب والشّئون، وواحدهما: غرب وشأن، وهما مجارى الدّموع.

أراقب وقتها من غير شوق … مراقبة المشوق المستهام

ويصدق وعدها والصّدق شرّ … إذا ألقاك فى الكرب العظام

أبنت الدّهر عندى كلّ بنت … فكيف وصلت أنت من الزّحام

جعل الحمّى بنتا للدّهر؛ لأنها تحدث فيه، فكأنه أب لها.

وقوله: «عندى كلّ بنت» يريد كلّ شديدة يحدثها الدهر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015