وتبعه فى ذلك أبو تمّام فقال:
ما زال يهذر بالمكارم والنّدى … حتى ظننّا أنه محموم (?)
الهذر: الهذيان، يقال: رجل مهذار.
فعلى هذا المنوال نسج أبو الطيّب بيته، فأراد أنه يفرط فى الجود حتى ينسبه الناس إلى الجنون، ولو كان بيت المال ممّا يصحّ منه الكلام لقال: ماذا مسلما؛ لأنه فرّق أموال المسلمين، ويجوز أن يكون أراد: ويقول خزّان بيت المال، فحذف المضاف، كما حذف فى قوله تعالى: {وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ} (?).
والأصل فى هذا قول أعرابىّ، فيما أنشده الجاحظ فى كتاب الحيوان (?):
حمراء تامكة السّنام كأنّها … جمل بهودج أهله مظعون
جادت بها عند الوداع يمينه … كلتا يدى عمر الغداة يمين
ما كان يعطى مثلها فى مثله … إلاّ كريم الخيم أو مجنون
الخيم: السّجيّة. والهاء فى «مثله» تعود على الوداع، أى فى مثل ذلك الوقت.
... من العرب من يذكّر السّماء، وفى تذكيرها وجهان: أحدهما أنها جمع سماوة، كسحاب وسحابة، ونخل ونخلة. وهذا الضّرب من الجمع قد ورد فيه التذكير والتأنيث، فالتذكير فى قوله تعالى: {وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ} (?) و {أَعْجازُ نَخْلٍ}