وقال الزجّاج: إن «لا» ردّ، أى لا، ليس الأمر كما وصفوا، جرم أن لهم النار، أى وجب، حكى ذلك عن قطرب (?).
وقال غيرهما: إنّ «لا» زائدة، وجرم فعل ماض معناه: ثبت وحقّ، والفرّاء لا يرى زيادة «لا» فى أول الكلام، فجرم على قوله اسم منصوب بلا، على التّبرئة.
وقال أبو العباس المبرّد: إذا قلت: لا محالة أنك ذاهب، ولا بدّ أنك ذاهب، فأنّك: فى موضع رفع، بمنزلة «أفضل» فى قولك: لا رجل أفضل منك (?).
وأقول: إن قوله: لا جرم إذا كان بمعنى لا بدّ ولا محالة [فإنّ حرف الجرّ مقدّر فى الخبر، فالتقدير: لا بدّ من أنّ لهم النار ولا محالة (?)] في أنّ لهم النار، كما تقول:
لا بدّ من هذا، ولا محالة فى هذا.
والضّرب الثانى من ضروب «لا»: أنّ من العرب من شبّهوها بليس، فرفعوا بها الاسم، ونصبوا بها الخبر، وألزموا اسمها التنكير، فقالوا: لا رجل حاضرا، ولا غلام عندى، قال الشاعر:
من صدّ عن نيرانها … فأنا ابن قيس لا براح (?)
أراد: لا براح لى، وقد بسطت الكلام فى هذا النحو فيما تقدّم (?)، وذكرت أن أبا الفتح عثمان لمّا ذكر فى تفسيره لشعر المتنبى قوله:
إذا الجود لم يرزق خلاصا من الأذى … فلا الحمد مكسوبا ولا المال باقيا