فإن كان ما قبل الواو والياء مفتوحا، كواو ترضون، وياء تخشين، لم يجز حذفهما إذا اتّصلا بنون التوكيد؛ لأنهما لو حذفا لم تدلّ الحركة التى قبلهما عليهما؛ لأنّ الفتحة مجانسة الألف، كما أن الضمّة مجانسة الواو، وكما أنّ الكسرة مجانسة الياء، فكلّ واحدة منهنّ-أعنى الحركات-إنّما تدلّ على الحرف المجانسها، فوجب لذلك تحريك الواو والياء فى هذا النحو، إذا اتّصلا بنون التوكيد واستحال حذفهما، فحرّكوا الواو بالضمّة والياء بالكسرة، خصّوا كلّ واحدة منهما بالحركة المجانسة لها، فقالوا: لترضونّ، وهل تخشينّ؟ والأصل: ترضيون وتخشيين، فاستثقلت الضمة فى ياء ترضيون، والكسرة فى ياء تخشيين، فحذفتا، أعنى الحركتين، ثم حذفت الياءان بعد حذف حركتيهما، لسكونهما وسكون الواو والياء الضميرين بعدهما، فصارا إلى ترضون وتخشين، فلما اتّصلا بنون التوكيد سقطت النون التى زيدت علما للرفع؛ لأن الفعل صار مع نون التوكيد إلى البناء، فصار فى التقدير إلى: ترضونّ وتخشينّ، بسكون الواو والياء، فوجب تحريكهما لسكونهما وسكون النون، فحرّكت الواو بالضمّة، والياء بالكسرة، فقيل:

ترضونّ وتخشينّ، فمثال الواو فى التنزيل: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ} (?) و {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ} (?) ومثال الياء: {فَإِمّا تَرَيِنَّ} فالمحذوف من ترونّ وترينّ عين الفعل ولامه، فعينه همزة، ولامه ياء، وذلك أن الهمزة التى فى «رأيت» اعتزمت العرب على حذفها من أرى ونرى ويرى وترى، فلم يقولوا: نرأى ولا ترأى، إلاّ فى ضرورة، كما قال:

أرى عينىّ ما لم ترأياه … كلانا عالم بالتّرّهات (?)

فأصل ترونّ وترينّ قبل اتصالهما بنون التوكيد، وقبل اعتزام العرب على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015