المعنى: أن انتفاء الضرب كان من أجل التأديب، لأنه قد يؤدب بعض الناس (?) بترك الضرب لا بالضرب. ولا يستبعد تعلق الجال بالحرف الذي فيه معنى النفي لجواز قولهم: ما أكرمته لتأديبه، وما أهنته للإحسان إليه. فإنك لو علقت ههنا بالفعل (?) فسد المعنى، إذ لم ترد أنك أكرمته تأديبا، ولا أهنته إحساناً، وإنما يتعلق بما في الحرف من معنى: انتفى، لأن المعنى: أن انتفاء الإكرام لأجل التأديب، وانتفاء الإهانة لأجل الإحسان. وقوله تعالى: {ما أنت بنعمة ربك بمجنون} (?). الباء في: بنعمة ربك، متعلقة بالنفي، لا بقوله: بمجنون (?)، إذ لو علق به لكان المراد نفي جنون من نعمة الله، وذلك غير مستتقيم من وجهين: أحدهما: أنه لا يوصف جنون بأنه من نعمة الله. والآخر: أنه لم يرد نفي جنون مخصوص. وإنما أريد نفيه عموماً فتحقق أن المعنى: أنه انتفى عنك الجنون مطلقاً بنعمة الله، وعلى هذا يحكم في التعلق، فإن صح تعلقه بالفعل وإلا علق بالحرف على ما تقرره (?).

وعلى هذا قوله تعالى: {ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم} (?). في أن معناه: في أن تبتغوا، فهي متعلقة بجناح. والمعنى: أن الجناح في انتفاء التجارة منتف، وتعلقه بليس بعيد لأنه لم يرد أن ينفي الجناح مطلقاً، ويجعل ابتغاء التجارة ظرفاً للنفي. فهذا يبعد أن يكون متعلقاً. والله أعلم بالصواب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015