رجال ذلك العصر، من أهل البصر والمعرفة، ووافق عليها العرب أنفسهم وزادوا عليها. فمما حفظه لنا التاريخ من هذه الآراء، ما قاله امبراطور الدولة الفارسية لسفراء المسلمين.

جاء في كتاب البداية والنهاية لابن كثير الدمشقي بعدما ساق حديث رسل المسلمين في مجلس يزدجرد:

قال: "فتكلم يزدجرد فقال: اني لا أعلم في الأرض أمة كانت أشقى ولا أقل عددا، ولا أسوأ ذات بين منكم، قد كنا نوكل بكم قرى الضواحي ليكفوناكم، لا تغزوكم فارس، ولا تطمعون أن تقوموا لهم، فان كان عددكم كثر، فلا يغرنكم منا، وان كان الجهد (?) دعاكم، فرضنا لكم قوتا الى خصبكم، وأكرمنا وجوهكم، وكسوناكم، وملكنا عليكم ملكا يرفق بكم". فقال المغيرة بن شعبة:

"أيها الملك، أنك قد وصفتنا صفة لم تكن بها عالما، فأما ما ذكرت من سوء الحال، فما كان أسوأ حالا منا، وأما جوعنا فلم يكن يشبه الجوع، كنا نأكل الخنافس والجعلان، والعقارب والحيات، ونرى ذلك طعامنا، وأما المنازل فإنما هي ظهر الأرض، ولا نلبس الا ما غزلنا من أوبار الابل وأشعار الغنم. ديننا أن يقتل بعضنا بعضا، وأن يبغي بعضنا على بعض، وإن كان أحدنا ليدفن ابنته وهي حية، كراهية أن تأكل من طعامه، وكانت حالنا قبل اليوم على ما ذكرت لك، فبعث الله الينا رجلا ... الخ (?) ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015